الساعدي شدد على ضرورة إقامة تحالف إقليمي أو دولي لتأمين الحدود، خاصة في ظل ما وصفه بـ”ضعف قدرات الدفاع الجوي”، رغم التحسن الملحوظ في نوعية التسليح بعد تسلم معدات متطورة من فرنسا وأمريكا، لافتاً إلى أن التحالف الدولي لم يكن يرى في العراق حليفاً موثوقاً قبل عام 2014، لكن هذا التصور تغيّر في السنوات الأخيرة.
وقال الساعدي في حديث متلفز، إن “الحلول السريعة لتحصين البلد تكمن في إيجاد حلف مع دولة على غرار حلف الناتو أو الحلف السعودي الباكستاني أو التركي القطري لتأمين الحدود، فالحالة مستعجلة وسريعة”، موضحاً أن “هذا الحلف يمكن أن يكون مع الولايات المتحدة الأمريكية، وبالتأكيد لن يكون بلا ثمن فالعراق يمتلك قدرات اقتصادية وموقعاً جغرافياً يمكن استغلالهما”.
وأضاف، أن “القدرات العسكرية العراقية ما زالت في طور النمو، وإذا قارناها بالقدرات الإسرائيلية فالتفوق للجانب الإسرائيلي”، محذراً من أن “أي استهداف لمناطق النفط أو الصناعة سيؤثر على البلاد بأكملها، لأن الدفاع الجوي ما زال بحاجة إلى جهود كبيرة لتطويره”، على حد قوله.
وأشار الساعدي إلى أن “الوقت قد حان لبناء استراتيجية وطنية للأمن الوطني، فبمفهومها البسيط، الاستراتيجية هي استخدام جميع موارد الدولة لتحقيق الغاية المنشودة”.
وتابع قائلاً: “مستشارية الأمن القومي أعدّت استراتيجية للأمن الوطني للفترة من 2025 إلى 2030، لكني أتمنى أن تمتد لعشر سنوات لتحقيق أهداف أعمق وأكثر استقراراً”.
وتطرّق الساعدي إلى تجربته في قيادة جهاز مكافحة الإرهاب، قائلاً: “خلال فترة عملي في الجهاز، كنت أسعى لتأسيس أكاديمية عالمية للتدريب لتأهيل كوادر عراقية وتدريب جيوش العالم، لما نمتلكه من خبرات ومعلمين أكفاء، لكننا بحاجة إلى بنى تحتية متكاملة. كما نعمل على استكمال جناح طيران الجيش والطائرات المسيرة وتعزيز الأمن السيبراني، إضافة إلى التفكير بتشكيل سرية بحرية لمعالجة القرصنة البحرية، وكل هذه العوامل ضرورية ليتفرغ الجهاز لمهمته الأساسية وهي مكافحة الإرهاب”.
وأوضح الساعدي، أن “الجيش العراقي مؤسسة عمرها أكثر من 100 عام، مرّ بظروف معقدة ومراحل مختلفة، ولا تُحترم الدولة دون جيش محترم ولا تُهاب إذا لم يكن لديها جيش قوي”، مؤكدا أن “واجب الجيش الرئيسي هو حماية حدود البلاد، والثانوي هو الإسهام في عمليات الأمن الداخلي”.
وبيّن، أن “الجيش بدأ خطوات جدية في تحديث تسليحه بمنظومات حديثة للدفاع الجوي والطائرات، لكنه يحتاج إلى خطة تسليح طويلة الأمد وواضحة المعالم، لأن بناء الجيش لا يتم من دون عقيدة قتالية مرتبطة بالعقيدة السياسية للدولة”، مؤكداً أن “العقيدة الأساسية للجيش العراقي دفاعية، وتركّز على حماية أرض العراق وسمائه ومياهه، لا على شن عمليات هجومية ضد دول الجوار”.
ولفت الساعدي إلى أن “التحالف الدولي لم يكن يعتبر العراق حليفاً مضموناً قبل عام 2014، لكن الموقف تغيّر اليوم مع وصول معدات حديثة من فرنسا وأمريكا، ومع ذلك تبقى الحاجة قائمة إلى خطة متكاملة لبناء المنظومة العسكرية العراقية”.
وختم الساعدي حديثه بالقول: “لا يمكن بناء جيش محترف بلا رؤية واضحة، وتسليح متوازن، واستراتيجية أمن وطني تُكتب بعقل الدولة، لا بعقل المرحلة”.
من جهته، قال مصدر عسكري عراقي، إن “الخطوات الجادة لتطوير تسليح الجيش ما تزال محدودة، وغالباً ما تصطدم بمحددات وشروط تفرضها الولايات المتحدة على صفقات السلاح والتجهيز”، موضحاً أن “هذه المسألة تخص طائرات الـF-16 حصراً، فيما تمتلك القوات العراقية قدرة مقبولة على إدارة باقي العمليات العسكرية”.
ويشير إلى أن “الفارق التقني بين الطائرات العراقية ونظيراتها في دول الجوار واضح، فـ F-16 التركية قادرة على استهداف نظيرتها العراقية من نفس الفئة دون الحاجة لعبور الحدود، بفضل تجهيزها بأنظمة ليزرية متطورة، فيما تبقى طائراتنا وكأنها عمياء أمامها”، وفقاً لصحيفة العالم الجديد.
وكانت القيادة المركزية الأمريكية قالت في بيان سابق لها (5 تشرين الثاني 2025)، إن القوات الأمنية العراقية “حصلت على الشهادة الكاملة لتنفيذ الضربات الجوية المستقلة”، وذلك بعد ثمانية أسابيع من التدريب المكثف مع قوة المهام المشتركة ضمن عملية “العزم الصلب”، مؤكدة أن القوات العراقية حققت نسبة دقة بلغت 100 بالمئة في الاستهداف باستخدام طائرات F-16 وAC-208، وعدّت ذلك “خطوة تاريخية” نحو اعتماد القوات المسلحة العراقية على نفسها في مواجهة تنظيم داعش.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!