لم يحصل السيد رئيس مجلس الوزراء على أكبر عدد من المقاعد في الانتخابات النيابية بسبب "برنامجهِ الانتخابي".
"الاعمار والتنمية" كان هو "البرنامج"، و"استدامة" العمل على انجاز كل ما يتعلّق بهذا البرنامج، كانت هي الهدف الرئيس.
غير أنّ "الأسماء" و "العناوين" و "الجهات" التي اعتمدها السيد السوداني في قائمته الانتخابية لا علاقة لها بهذا كُلّه.
"التكتيك" العام الذي استخدمه السيد السوداني في خوض الانتخابات، كان الهدف منه هو جمع أكبر عدد ممكن من "أصوات" الناخبين، وبعد أن يتحقّق ذلك، سيتيحُ لهُ ذلك المضي قدماً في "انجاز" مشروعهِ الخاص.
هذا خطأ جسيم من الناحية "الاستراتيجية" بالنسبة لـ "مشروع" السيد السوداني، الذي يتطلّبُ "وحدةً" في المصالح، وتوافقاً في الرؤى، وانضباطاً وانسجاماً في تطبيق أساليب وأنماط محدّدة للإدارة والعمل.
معظم أعضاء "الفريق" الذي تمّ زجّه في قائمة السيّد السوداني يفتقِرونَ تماماً لهذه "المواصفات" و "التوصيفات".
بوسعي أن أذكُّر الأسماءَ بالتفصيل، غير أنّني لا أستطيعُ أن أفعل ذلك لأسباب عديدة لا تخفى عليكم جميعاً.
لقد كان تشكيل "التحالُف" الخاص بالفريق الانتخابي (ابتداءً) سيّئاً جدّا، لكي لا نكرّر القول بأنّهُ كان خاطئاً جدّاَ، وقد يُبدّدُ ذلكَ لاحقاً "الفوز" المُستحَقّ للسيد السوداني بأكبر عدد من المقاعد النيابية.
ما شأن فُلان وعِلاّن وفُلانة بـ "الاعمار والتنمية؟
بعضُ هؤلاء "انتهازيّين صريحين".. وبعضهم "مُهرِّجين" فقط لا غير.. و بعضهم الآخر على استعداد تامٍّ لتغيير ولاءاتهم السياسية في أيّةِ لحظة.. وبعضهم قامَ بنقلِ "بندقيّتهُ" من كتفٍ لكَتف، وأثار بذلك عِداء وحفيظة "كَتفهِ" الأوّل.. وهناكَ من بينهم من يبحثونَ عن مُجرّد فرص سهلة لإدامة ثرواتهم "السابقة"، والحصول على "حصانتهم" اللاحقة من الملاحقة القانونية (لأنّهُم مُحاصَرون بشبهات فساد كثيرة).. وبعضهم الآخر يُمثِّلُ "تشكيلات" اجتماعية – عشائريّة تعتاشُ على "بركات" الريع النفطي الوفير، فإذا انحسرَ هذا الريع و"عطاياه ومكرَماته" انحسروا معهُ سلوكاً وموقف.. وغير هؤلاء هناك من يُمثّل "مؤسسات" و "تنظيمات" هي جزء من القطاع العام الحكومي "المُستهلِك" و "المُبدّد" للموارد.
"اقتصاديّاً" فإنَ الايفاء بالمتطلبّات (والمُطالَبات) المتعدّدة لهؤلاء (مقابلَ "بيعِهِم" لأصواتهم له على وفق مبدأ "مُقايضة الريع النفطي بالصوت الانتخابي") سيترتّب عليه مستوى مرتفع من الانفاق العام لن يكون السيد السوداني (في ولاية ثانية يجِب أن تكون "مُتقَشِّفة حتماً وبالضرورة) قادراً على الايفاء به إلاّ بمعجزةٍ ترفع سعر النفط لما يزيد عن 90 دولار للبرميل (كمُعدّل) طيلة مُدّة "ولايته" الثانية.
كان بإمكان السيد السوداني على الأقل، لا أن يستبعِد هؤلاء "المُخضرَمين" تماماً من قائمته الانتخابية، بل أن يضع معهم روّاد أعمال شباب، ومُستثمرين مشهود لهم بالكفاءة والرصانة، ومصرفيين ناجِحين (لم تتلوّث مصارفهم بالخرق الفاضح لقواعد العمل المصرفي السليم المُتعارّف عليها دوليّاً)، و صناعيّين وتُجّار ومُزارعين كفوئين و واعدين، وخبراء وأكاديميين في الاقتصاد.. بل وحتّى أعضاء يتمّ اختيارهم بعناية من "مجلس تطوير القطاع الخاص" الذي تمَّ تأسيسهُ في عهده (وقبلَ أقَلِّ من عامٍ واحدٍ فقط)، ويرأسهُ هو شخصيّا.
كان ينبغي، بل ويجب أن يكونَ هؤلاء ضمن قائمة الاعمار والتنمية، لأنّ اختصاص هؤلاء الرئيس هو "الاعمار والتنمية".
لم يكن السيد السوداني ليخسرَ شيئاً لو فعل ذلك.. فهؤلاء سيحصِدونَ لهُ أصواتاً اضافيّة (على وفق آليات النظام الانتخابي "سانت ليغو 1.7)، وكانوا سيمنحون قائمتهُ الانتخابية أيضاً شيئاً من "المصداقيّة" التي تفتقدها تماماً الأسماء والعناوين والجهات الأخرى الموجودة في تلكَ القائمة.
كان هذا هو الخطأ الأوّل "الساذِج" و "الجسيم" في الوقت ذاته.
كان "ساذِجا" لأنّ بالإمكانِ تفاديهِ بكُلِّ بساطة، وتجنُّب أضراره المُباشرة.
وكانَ "جسيماً" (وهذا هو الأهمّ) لأنّهُ قادَ إلى الخطأ الثاني، وهو عدم التحسُّب لتأثير ذلكَ سلباً على "تحالفات" ما بعد الانتخابات، وعلى "الوزن" النهائي للكتل التي سيتمُّ تشكيلها بعد الانتخابات.. هذه "التحالفات" التي ستحسِمُ كُل شيءٍ بالنسبةِ لمنصب رئيس مجلس الوزراء، كما جرت العادة.
كثيرٌ من هؤلاء الذين جعلهم السيّد السوداني "عمادَ" قائمته، قد ينفضّونَ عنه، لهذا السَببِ أو ذاك (بسبب طبيعة تكوينهم الشخصيّة، والخصائص والسمات الرئيسة لولاءاتهم الرئيسة وعقائدهم الراسِخة).. وسيكونُ من النادر جدّاً، إن لم يكن من المستحيل، أن يحدث عكسَ ذلك.
أترُكُ لأساتذتي وأصدقائي وزملائي في اختصاص العلوم السياسية مهمة الخوض في التفاصيل ذات الصلة بهذا الموضوع "سياسيّاً"، وبما يُتيح للسيد السوداني مواصلة مسيرته في "الاعمار والتنمية"، و"استكمال" مهمّتهِ الصعبةِ والشائكةِ هذه.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!