RSS
2025-12-23 12:47:50

ابحث في الموقع

يعتبر تخصصاً طبياً نادراً.. كيف تأسس "البورد العربي للفسلجة العصبية السريرية" في العراق والوطن العربي؟

يعتبر تخصصاً طبياً نادراً.. كيف تأسس "البورد العربي للفسلجة العصبية السريرية"  في العراق والوطن العربي؟
يقرأ ويسمع المتابعون دائما مصطلح "البورد" في المجال الطبي والذي يكون اما عراقيا او عربيا ولكن الكثير لا يعرف ما المقصود به وماذا يتضمن، رئيس المجلس العلمي في "البورد العربي" في العراق والدول العربية، والذي يشغل ايضا منصب الاستاذ في كلية الطب بجامعة بغداد، وكذلك مسؤول التدريب السريري في مركز الهادي لاعتلال العضلات والاعصاب، شرح بالتفصيل ما هو "البورد" وكيف تأسس بورد بمرض نادر في العراق، وماهي الخطوات التي قطعها مع العتبة الحسينية ليصبح احد مراكزها الطبية مركزا تدريبا معتمدا لهذا التخصص الدقيق.

ماهي شهادة البورد 

ويقول الدكتور عبد الناصر حسين العابدي في حديث لوكالة نون الخبرية، انه قبل ايام أعلنّا عن تأسيس "البورد العربي للفسلجة العصبية السريرية" وهو الاختصاص الدقيق والنادر في العراق والوطن العربي، وهذا البورد تعتبر شهادته معادلة لشهادة الدكتوراه في الطب والتخصصات السريرية بصورة عامة، والدراسة فيه خمس سنوات بعد ان يكمل الطبيب العمل كطبيب مقيم لمدة خمس سنوات ويتساوى "البورد العربي" مع "البورد العراقي" والاختلاف هو ان "البورد العراقي" يتبع الى وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العراقية، اما "البورد العربي" فيتبع وزارة الصحة العراقي والتي بدورها مرتبطة بمجلس وزراء الصحة العرب الذي يعتبر احد تشكيلات الجامعة العربية، ومناهج الدراسة فيه موحدة في جميع الدول العربية، وفي الامتحانات تكون الاسئلة الواردة لجميع طلبة الدول العربية موحدة، ويؤدون الامتحان جميعهم في مكان ووقت واحد، ومن مزايا "البورد العربي" ان الطالب الحاصل عليه يستطيع العمل في جميع الدول العربية كونها شهادة تابعة للجامعة العربية ومعترف بها من جميع الدول العربية، بعد ان تلقى علوم كثيرة نسميها "كفايات" التي تجعل الطبيب يصبح قادرا على اجراء التداخلات والتشخيصات في تخصص معين مثل الفسلجة العصبية السريرية، والجراحة، والباطنية، وغيرها من التخصصات الطبية التي اوجدت بعد العام (2003)، مؤكدا ان التخصص الذي نمنح عليه شهادة البورد هو تخصص "نادر" و"شحيح".

مع العتبة الحسينية

للدكتور عبد الناصر العابدي رحلة طويلة من العمل مع العتبة الحسينية المقدسة يسردها قائلا: في العام (2007) ذهبنا للدراسة في كوريا الجنوبية في تخصص لم يكن متوفرا في العراق هو "الفسلجة العصبية السريرية"، وبعد انهاء الدراسة والعودة الى العراق في العام (2009) حاولنا تطوير العمل وادخاله الى العراق بعد ان اطلعت على التطور والتقنيات التي وصل اليها العالم، ولسنوات عدة لم نستطع تحقيق شيء بسب الاجراءات البيروقراطية والخلافات الشخصية مع "مقاومي التغيير"، وبمبادرة مني وجهت دعوة الى اطباء كوريين في العام (2011) وهم الاستاذ المشرف على دراستي وزملاء له من أخصائيي وجراحي الجملة العصبية، والكسور، و الحبل الشوكي، وجئت بهم الى العتبة الحسينية المقدسة التي لم تكن حينها قد شيدت اي مؤسسة طبية تابعة لها، وقابلنا في وقتها الشيخ "عبد المهدي الكربلائي"، وقام الاطباء المتخصصون الكوريون بفحص المرضى في مكتب الشيخ "الكربلائي" داخل حرم الامام الحسين (عليه السلام)، وبعدها توجهت لدراسة "الدكتوراه"، وعزمت باصرار على تحقيق شيء وبما ان العراق ليس فيه دراسة مستحدثة فتعاونا على ايجاد دراسة "البورد العراقي في تخصص الفسلجة العصبية السريرية" والتي لا توجد على مستوى العالم وطورنا الدراسة واكتسبنا سمعة عالمية بهذا المجال في عامي (2012 ــ 2013)، وبعد اكمالي لدراسة الدكتوراه بعد سنوات عملت على دعوة واستقطاب اساتذة عالميين الى العراق يقيمون ورش عمل تطويرية لهذا التخصص الطبي، لإيماني ان الاطباء العراقيين بما يمتلكونه من كفاءة واجتهاد وعقلية فذة بإمكانهم اضافة شيء للطب ليس في العراق او الوطن العربي فحسب بل للعالم.

استقطاب علماء الطب

واوضح قائلا: انه استقطبت في العام (2018) افضل طبيب في العالم بمجال الفسلجة العصبية هو البروفيسور السنغافوري "امباثي"، وتجولنا سوية على اكثر من مؤسسة، وخلال زيارتنا الى ضريح الامام الحسين (عليه السلام) شاهد اشخاص مقعدين على عربات المعاقين فسأل عنهم وابلغته انهم مرضى العضلات والاعصاب ويطلبون الشفاء من الله بشفاعة الحسين (عليه السلام)، فقال جملة عجيبة مفادها "وان ذهب عصر المعجزات لكن لله دائما خطة ثانية فعلينا ان نساعدهم"، وتخلى عن جميع مستحقاته بالعقد المبرم مع العتبة الحسينية المقدسة التي تقدر بالاف الدولارات وشطب على الرقم وكتب بدلا عنه "واحد دولار سنويا"، وواجهنا معارضة لهذا الموضوع من قبل الكثير من الاطباء، حتى وصل الحال ان يحضر في محاضرته ثلاثة اطباء فقط، وهو البروفيسور الذي يلتقط الكثير منهم الصور معه اذا حضر اي فعالية خارج العراق كوني استطيع القول ان نصف ايام حياته يقضيها في السفر ليقيم الورش ويحضر المؤتمرات ليقدم مساعداته بخبراته الطبية للجميع دون مقابل بل الكثير من الاحيان يدفع هو مبالغ ليساعد على اقامة ورش تدريب، واتصلت حينها بالدكتور "حيدر حمزة العابدي" فاخبرني بضرورة اصطحابه والمجيء الى كربلاء المقدسة، ومن الجدير بالذكر ان مرضى اعتلال الاعصاب والعضلات نسبتهم كثيرة وهم مرضى مهملين عالميا من ناحية التشخيص وخاصة الفحوصات الجينية والنسيجية كون اجورها غالية جدا، واما ترسل الى دول خارج العراق او يسافر المريض ومرافقيه الى دول اخرى وينفقون مبالغ طائلة، وصار بيننا اتفاق ان تتوفر مؤسسة ترعاهم في العراق، وفي زيارة ثانية التقينا بالشيخ "عبد المهدي الكربلائي" بحضور البروفيسور "امباثي" وعدد من الاطباء، وبمجرد اعطائه فكرة عن هؤلاء المرضى قال بالحرف "ابواب العتبة الحسينية مفتوحة امامكم لمساعدة هؤلاء المرضى" وكانت كلماته حافزا كبيرا لنا وللأطباء الاجانب الذين جاؤوا معنا، ومن هنا انطلق مشروع تأسيس مركز الهادي لاعتلال العضلات والاعصاب بالتعاون مع البروفسور "امباثي" والبروفيسورة المصرية "رشا الشريف"، وخصصت البناية واختير الموظفين وكان اختيار الاطباء العاملين من مهامي وبجهود حثيثة استقطبنا عدد من الاطباء وباشر المركز بتقديم خدماته، ومثلت العتبة الحسينية المقدسة في مؤتمر اقيم باليابان وفي المحاضرة التي القيتها تعرفوا على كيفية تأسيس المركز وكثير من المشاركين ابدوا رغبتهم بالعمل معنا، وفي مقدمتهم رئيس المركز القومي للاعتلالات العصبية في طوكيو البروفيسور الياباني "ايتشيزو نيشينو"، الذي قدم لنا مساعدات كثيرة من خلال مجيئه للعراق لاكثر من مرة، وعن طريقه بدأنا بأخذ "عينات الخزعة" وكان يأخذها معه الى اليابان لفحصها وكانت تكلفنا مبالغ طائلة ومعها الفحوصات الوراثية، ومنها قررنا الاعتماد على امكاناتنا، وبعد جهود كبيرة صار يعمل معنا الخبراء "امباثي"، والبروفيسورة "رشا الشريف"، و الدكتور "ايتشيزو نيشينو"، والبروفيسور "هادي مانجي" من بريطانيا وهو مؤلف الكتب الطبية التي ندرسها في الكليات، و الدكتور شهريار نافيسي من إيران، والدكتور "تنغ وانغ" من ماليزيا.

سمعة طيبة

وتابع بالقول ان المركز اصبحت له سمعة طيبة في الاوساط الطبية خارج العراق، ومنها جمعية امراض الاعصاب الذين كانت عندهم مشكلة تدريب الاطباء من الدول الفقيرة لعدم توفر هذا التخصص الطبي فيها، واعتمد مركز الهادي لتدريبهم وكان اول طبيب من الكاميرون تدرب لدينا لمدة (6) اشهر ومنح شهادة "بورد" مصدقة من الجمعية واعتمدنا كمركز تدريبي من قبلهم، وحصلنا على اعترافات كثيرة بمركزنا، كما حصلنا على شهادة الجودة (الآيزو)، وفي هذه الاثناء كنت اعمل على تأسيس دراسة شهادة "البورد العربي" منذ العام (2022)، لان الدول العربية تفتقد لهذا التخصص الطبي، مع وجود معارضة من جهات عدة داخلية وخارجية لكننا نجحنا بتميز واصبحت مدير البرنامج التدريبي في العراق، وخلال اقامة اخر مؤتمر برعاية العتبة الحسينية المقدسة وبالتعاون مع الامين العام المساعد للبورد العربي، ووزارة الصحة العراقية، عقدنا اول اجتماع لـ"المجلس العلمي للبورد العربي للفسلجة العصبية السريرية" في العراق، والذي كان اصل تأسيسه بفكرة وطلب من قبلي موقع بإسم جامعة بغداد ووضعت مناهجه ومقرراته، وانتخبوني اول رئيس لهذا المجلس العلمي بهذا التخصص النادر والذي انطلق في العام الجري (2025)، واصبح اول مركز تدريبي معترف به هو مركز مدينة الطب، ومركز الهادي لاعتلال الاعصاب الذي اصبح المركز الرئيسي لعلاج تلك الامراض في العراق، والذي نسعى لجعله مركزا عالميا بهذا التخصص الطبي.


قاسم الحلفي ــ كربلاء
التعليقات

لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!