وأشارت منظمات ومؤسسات تتبع للمجتمع المدني في العراق إلى أن الدورة البرلمانية التي شارفت على الانتهاء هي "الأضعف والأسوأ" على مستوى التشريع أو الرقابة. وبحسب تقرير المرصد النيابي التابع لمؤسسة "مدارك"، وهي منظمة مدنية، فإن "الصراع السياسي أثّر في قلة التشريعات من ناحية الحضور، لأن الالتزام بالجلسات والحضور تابع لقوة الرقابة، وأيضاً المناكفات السياسية أعاقت العمل الرقابي"، وبيّن أن "البرلمان القادم يحتاج للالتزام بالتوقيتات والأجندة، وأن يكون شفافاً مع جمهوره، مثلاً على مستوى إعلان الغيابات".
ولفت المرصد إلى أن "مجلس النواب في هذه الدورة عقد بحدود 140 جلسة، في حين كان يفترض أن يعقد 256 جلسة، إذاً هناك خلل كبير في عدم انعقاد 116 جلسة لمجلس النواب وهذا مؤشر خطير جداً".
وأكمل التقرير أن "هذه الدورة شهدت عدم انضباط بالنسبة لعقد الجلسات، إذ إن العديد من الجلسات تأخرت في وقتها وفي إعلانها، ووصلت إلى أن بعض الجلسات تعلَن في موعد وتُعقَد بموعد يختلف تماماً عن المتفق عليه، ووصلت هذه الحالة إلى عشر ساعات أو ثماني ساعات أو ثلاث ساعات"، مشيراً إلى أنه "ليست هناك جلسة واحدة عُقدت في وقتها المحدد، كما لم يكتمل في أي جلسة عدد أعضاء مجلس النواب الذي هو 329 نائباً على الإطلاق منذ الجلسة الأولى إلى انتهاء هذه الدورة"، ولفت إلى أن "المؤشر العام للغياب كان بمعدل 173 نائباً حاضراً فقط في كل جلسة، كما كانت هناك ثمانية استجوابات أخذت شكلها الكامل الإجرائي، إلا أن هيئة الرئاسة لم تنفذها".
ويعزو نشطاء ومراقبون الفشل النيابي إلى الانقسامات الحادة بين الكتل السياسية، إلى حد التعمّد في تأخير إقرار قوانين عدة، لعل أبرزها كان قانون الحشد الشعبي الذي واجه ضغوطات أمريكية ما دفع الحكومة إلى سحب القانون من مجلس النواب، بالإضافة إلى قوانين أخرى كانت تمسّ حياة العراقيين، من ضمنها سلّم الرواتب وقانون النفط والغاز، والخدمة المدنية الاتحادي، وقانون العشوائيات، وقانون المحكمة الاتحادية، وقانون التقاعد، فيما يؤشر مراقبون إلى أن هذا الإخفاق يهدد المشاركة في الانتخابات التشريعية المقرر إجراؤها في 11 تشرين الثاني المقبل.
وانتقد عضو مجلس النواب جواد اليساري الكتل السياسية المسيطرة على مسار عمل البرلمان، متهماً إياها بالتسبب في تعطيل الجلسات خلال الفترة الماضية، ما انعكس سلباً على تمرير العديد من القوانين الحيوية.
وقال اليساري في تصريحٍ صحافي إن "الدورة الحالية تُعدّ من أصعب الدورات في تاريخ العملية السياسية العراقية، نظراً للانقسامات الحادة والشلل المستمر في أعمال المجلس"، مؤكداً أن "استمرار هذه الحالة سيضعف ثقة الشارع بالمؤسسة التشريعية ويؤثر على أداء الحكومة في تنفيذ برامجها وخططها".
لكن عضو اللجنة القانونية في البرلمان العراقي محمد عنوز أشار إلى أن "الكتل البرلمانية كان من المفترض أن تكون بمعزل عن الإرادة السياسية للأحزاب الكبيرة، وأن تمضي نحو تحقيق مطالب جمهورها وإقرار القوانين ذات الفائدة للعراقيين"، موضحاً، أن "الفشل في عدم عقد الجلسات وإقرار القوانين الهامة، تتحمّله كل الأطراف السياسية، من أحزاب وقادة سياسيين وتحالفات كبيرة، بالإضافة إلى الكتل البرلمانية، وجزء منه تتحمله رئاسة البرلمان التي لم تعاقب أو تحاسب النواب المتغيبين".
من جانبه، لفت الناشط المدني علي الحجيمي إلى أن "النظام الداخلي للبرلمان ينص على عقد أكثر من 250 جلسة برلمانية، لكن في هذه الدورة عقد مجلس النواب نحو 140 جلسة فقط، وأغلبها انتهت بالفشل أو بعدم تحقق النصاب القانوني من أجل دراسة وقراءة مشاريع القوانين، وبالتالي فإن هذا الإخفاق هو استخفاف بمشاعر وإرادة العراقيين الذين ينتظرون القوانين التي تخدمهم وتحقق طموحاتهم".
واستكمل حديثه بالقول، إن "قانون البرلمان ينصّ على أن النائب الذي يتغيب عن حضور عشر جلسات تقدم رئاسة البرلمان على توبيخه، ومن يتغيب نحو ثلث عدد جلسات مجلس النواب فإنه يُقال من الرئاسة من دون العودة إلى تصويت البرلمان، ورغم أن كثيرين من النواب لم يحضروا الجلسات ويستحقون الإقالة إلا أن أحداً لم تجرِ إقالته".
وينتظر العراقيون انتهاء عمر هذه الدورة البرلمانية وخلق برلمان جدير بحاجاتهم.
ويتنافس في الانتخابات التشريعية المقبلة أكثر من 300 حزب وكيان وتجمع سياسي، ويُسمح لأكثر من 25 مليون ناخب بالمشاركة فيها من أصل 46 مليون مواطن.
وشهد العراق منذ الغزو الأميركي في عام 2003 خمس عمليات انتخابية، أولها في 2005 (قبلها أجريت انتخابات الجمعية الوطنية التي دام عملها أقلّ من عام)، فيما حصلت الأخيرة في تشرين الأول 2021، واعتُمد قانون الدائرة الواحدة لكل محافظة في النسخ الأربع الأولى.
وأجريت الانتخابات الأخيرة وفق الدوائر المتعدّدة، بعد ضغط قوي من الشارع والتيار الصدري لإجراء هذا التعديل، الذي كان يعارضه "الإطار التنسيقي". وفي آذار 2023، صوّت البرلمان على التعديل الثالث لقانون الانتخابات البرلمانية العراقية الذي أعاد اعتماد نظام الدائرة الواحدة لكل محافظة.
التعليقات (0)
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!