ويؤكد طلبة عراقيون في لبنان، أن العديد من الجامعات اللبنانية، خاصة في الجنوب والبقاع، لجأت إلى التعليم المدمج، أو الحضوري بشكل متقطع، بسبب المخاطر الأمنية واللوجستية، كما أدت الهجمات الإسرائيلية إلى تعطيل الدراسة وتهديد الجامعات، ما دفع طلبة عراقيين إلى مغادرة لبنان، لتتراجع أعدادهم خلال العامين الماضيين بشكلٍ ملحوظ.
يدرس الطالب العراقي حسام قاسم الماجستير في لبنان، ويقول إن "الدراسة تعطلت مرات عدة بسبب الهجمات، وتوقفت الرحلات الجوية أكثر من مرة، كما أن جامعات مناطق جنوب لبنان أغلقت أكثر من مرة خشية الاستهداف، وبعض الجامعات لجأت إلى التعليم عن بُعد لمواجهة التحديات الأمنية، لكنها أعادت استئناف الدراسة لاحقاً مع مراعاة المخاطر".
ويضيف قاسم أن "معظم الجامعات اللبنانية التي يدرس فيها العراقيون تقع في مناطق تعرضت للعدوان الإسرائيلي، مثل الجامعة اللبنانية، والجامعة الأميركية في بيروت، وجامعة بيروت العربية، والجامعة الإسلامية، والجامعة اللبنانية الدولية، وجامعة الجنان، ورغم أن تلك الهجمات لم تستهدف أيا منها مباشرة، لكنها تظل في دائرة الخطر. العراقيون يدرسون في هذه الجامعات لأن الدراسة فيها أسهل مما هي عليه في العراق، كما أن شهاداتها معترف بها".
تواصل العراقية نور صلاح الدراسة في لبنان للحصول على درجة الدكتوراه في الهندسة الزراعية، وتؤكد أن "الكثير من الطلبة العراقيين قرروا تأجيل دراستهم إلى العام المقبل، أملاً في أن تهدأ الأوضاع، لكن لا يبدو أن الأوضاع ستهدأ، كما أن السفر إلى لبنان بات خطراً مع وجود تهديدات إسرائيلية متكررة بشأن احتمالات قصف مطار بيروت الدولي، وهناك طلبة عراقيون كانوا يفكرون بالدراسة في لبنان، لكنهم اختاروا بلداناً أخرى، مثل تركيا ومصر، لأن الدراسة في لبنان باتت غير مأمونة".
بدوره، يقول طالب الصيدلة العراقي عمر عبد الغني، إن "الدراسة في لبنان لا تزال ممكنة، لكنها تتطلب مرونة كبيرة، وتكيفاً مع الظروف الأمنية المتغيرة"، موضحاً، أن "لبنان بلد عربي، وتكاليف الدراسة فيه أقل مقارنة بالدراسة في الأردن أو مصر، وبالنظر إلى الظروف الأمنية، فإن المنطقة بشكلٍ عام تشهد توتراً كبيراً، لكن الواقع يظهر أن أعداد الطلبة العراقيين في لبنان، وأعداد الطلبة المقبلين على التسجيل للدراسة في لبنان تتراجع بشكلٍ عام".
وتشير تقديرات غير رسمية، إلى توجه نحو 44 ألف طالب عراقي للدراسة في الخارج سنوياً، غالبيتهم يبحثون عن فرص لاستكمال دراسة الماجستير أو الدكتوراه، وعادة ما يبحث هؤلاء الطلاب عن الجودة التعليمية، فيتوجه بعضهم إلى الدراسة في جامعات الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة وغيرها من دول أوروبا، في سبيل زيادة فرصهم في الحصول على فرص عمل دولية أو محلية، إضافة إلى إتقان اللغات الأجنبية، لكن غالبية الطلبة يختارون بلدانا قريبة، مثل إيران ولبنان، وأحياناً روسيا، إما لكون كلفتها أرخص، أو لسهولة نيل شهادات الماجستير والدكتوراه.
وخلال السنوات العشر الماضية، شهد العراق تزايد أعداد خريجي الجامعات غير العراقية، إذ يجد الشباب أن العروض التي تقدمها الجامعات الإيرانية واللبنانية والمصرية والهندية والروسية، مناسبة من الناحية المادية، فضلاً عن السهولة في إجراءات التقديم، لا سيما أن الجامعات الحكومية العراقية تُعرف بقبول أعداد قليلة سنوياً لدراسة الماجستير والدكتوراه.
وفي وقت سابق، قررت السلطات العراقية تعليق دراسة الطلاب العراقيين في ثلاث جامعات لبنانية بسبب عدم التزامها بمعايير الرصانة العلمية، وهي الجامعة الحديثة للإدارة والعلوم، والجامعة الإسلامية، وجامعة الجنان، كما قررت حذف 27 جامعة إيرانية من قائمة الجامعات المعترف بشهاداتها، ضمن سلسلة من القرارات الصارمة في نظام التقييم الخاص بالجامعات غير العراقية.
التعليقات
لا توجد تعليقات بعد. كن أول من يعلق!